"المنطق ...جبان " لمحمد صالح بن عوانة

المنطق … جبان……………
لا تعاملني وتعرض علي أفكارك ونصائحك من خلال المنطق وتعتبر نفسك ذكيّاً وبارعاً بعد ذلك، لأنني سأجدك مملاً وحسب! لا تحكم على أسلوب حياتي، مشاعري، نظرتي للأشياء، ما أفعله، ما أكتبه وما أقوله من خلال هذا المنطق وقواعده الصارمة، لأنك ستتعب كثيراً وسأخيّب توقعاتك دائماً، وفي النهاية ستجدني مجنوناً ومريباً فعلاً. لا تنتظر منّي أن أشعر وأن أفكّر فقط من خلال المساحات الضيّقة والسخيفة التي يسمح بها المنطق الذي تضعه المجتمعات على هواها ويقدّسه المتحذلقون من الخاضعين في كل مكان، فحتى العيش بخمسة حواس فقط أجده تافهاً وضئيلاً، وأرى أن هذه الحواس الخمسة غير كافية لإدراك كل شيء في هذه الحياة أو لعيشه بكل معنى الكلمة، وعلى الإنسان أن يكون جسوراً بما فيه الكفاية للبحث عن غيرها، عليه أن يصل لفكرة جديدة، رؤية جديدة، لخيالات جديدة، لإحساسات جديدة بطريقة ما. أن يصل إلى هناك عن طريق شيء ما، لا أسميه ولا أحدّده فهو خاص بالنسبة لكل فرد وموجود في كل إنسان، وإنما على المرء أن يكتشفه. أدرك أنه لا بد أن يكون الإنسان منطقيّاً أحياناً، ولكن ليس دائماً. صحيح أنه من الضروري والواجب أن يكون الإنسان كذلك في بعض الأمور، ولكن لا تنتظر مني أبداً أن أكون منطقيّاً في جميعها وتحديداً في شعوري الخاص، في عالمي الخاص. أولاً لأن هذا لن يحدث أبداً، وثانياً لأن المنطق في كثير من الأحيان يكون سجناً وقيداً وأداة لإخضاع الإنسان. إن كل شخص ذكي يحمل روحاً متمرّدة يفهم ذلك، يفهم أن المنطق جبان على كل حال، بل وغالباً ما يكون أكثر تعسّفاً وغباءً وزيفاً من كل أشكال العبث.

محمد صالح بن عوانة

تعليقات

المشاركات الشائعة