"لامجال هنا للحديث عن ..."حياة" لمحمد صالح بن عوانة


لامجال هنا للحديث عن حياة 

فحكايتها حملتها الشوارع قبل ان تولد بخمس سنين
كان الراعي في مدينتنا
يحكي عنها في كل زقاق وعطفة
كل صباح
لعمال البناء وهم يحملون سقالاتهم ويغنون
كانوا يشاهدونه في ركن معتم وهو ينادي
هل شاهدتم حياة
هل لمسها أحدكم
هل استمعتم إلى صوتها الملائكي
يقال إنه ذات مره أوقف عصفورا
وراح يحكي له وهو يبكي
ذات يوم سانجب بنتا
سيكون بمقدورها أن تروي عطش الصحراء
بمجرد نظرتها إليها
ستكون هي الضوء الذي تتسلل
على حباله الطيور إلى الجنه
ستكون بمثابة الحياة
التي طالما انتظرتها دون جدوى
قبل خمس سنين
كان الراعي غريبا عن حارتنا
وكنا لا نعرف عنه سوى
أنه رجل طيب
فقط طيب
إلى أن صار كحجر الأساس
في كل بيت
لا ننام إلا على صوت حكايته
أو قل شكواه
كان الراعي يقاوم وحدته
بالحديث مع أي قادم
ذات مره أوقفني
وقال لي
هل شاهدت حياة
حياة كانت هنا منذ قليل
كانت تساعدني في اطعام خرافي الصغار
ساعتها انطفأت روحي
وغابت الأجوبه
كان كثيرون من حارتنا يعرفون الراعي
ومنهم من قال إنه شاهده منذ سنوات
في أحياء اخرى يبكي
ومنهم من أقسم أنه لم يتزوج اصلا
لم يشاهد امرأة قط طول حياته
لم يعرفها
لم يلمس يدها
لم يرقص مع طيفها حتى في الخيال


لم يقبل فمه فم جنس آخر
حين ملت مدينتنا حكاية الراعي
تركوه دون أن يجيب أحد عليه
فلم يحتمل وحدته
في اليوم التالي غادر مدينتنا
ليبحث عن حياة في مدينة أخرى
ربما وجدها
او غاب مع حكايتها
حتى أذابهما المطر


محمد صالح بن عوانة 

تعليقات

المشاركات الشائعة