"القطيع المخدوع " لمحمد صالح بن عوانة



عن قسوة السير كالغريب في قطيع أجبرت على مغادرته .... عن ساعات الصمت التي تمضيها في وجودهم و داخلك وطن انهكته حرب طاحنة بين عقل مستبد و قلب عاجز عن مجارات الحياة المادية الحديثة في هذا العالم .... عن الثقل الذي تحمله داخلك و انت ماضي فيهم تراهم كالبيادق على رقعة الشطرنج آلات تنفذ كل ما طلب منها تراهم و قد جعل منك و منهم واقع العولمة و سياسة القطيع مجرد أرقام على ورق تحدد قيمتهم بيرقم في خزائن البنوك و يرونك بينهم كحصان طروادة كلغم في صندوق الهدايا كخروف ظل الطريق و اضاع القطيع فأصبح في أعينهم كالذئب ممثلا الخطر المحدق بهم ....

و ككل القطعان المخدوعة هي أيضا ستمضي عمرها خاشية الذئب و في النهاية سينحرها الراعي  .... يجبروننا على مغادرة السرب ثم يزدروننا بأبشع الاوصاف بعد ان تركنا لهم المكان الذي لا يمكن لنا ان نعيش او حتى ان نتنفس فيه بعد اليوم .... لم يعرفوا قط قدر الشجاعة الذي امتلكناها لنقدم على هكذا قرار الذي يجعلنا بمجرد الخروج من سرب الرعية زناديق و حثالة او حتى كفرة .... في عالمهم حيث جعلوا النفاق سر النجاح و الغدر أكسجين الحياة و الجشع و الاطماع هي المحرك الجديد للانسان في عالم تبخرت مبادئه و اختفت ملامحمه مرضت في الروح و اسودت فيه القلوب و ملئت العقول حقدا و كرها و حسد و بغض ....

تزيت السماء بالغيوم السوداء العاتمة و اصبحت الامطار ممتزجة بسمومهم لتزيد قلوبهم مرضا و تجعل عروقهم تضخ حب المادة و الوجود و عشق البقاء و القوة و العضمة العقول تتمنى ان تنبت عروقا في هذه الحياة و الا تغادرها هكذا اصبحت المبادئ بعد ان مرضت الروح و تدنس نقاؤها و اسود بياضها فجعلت من اشباه الذكور عبيدا للنساء و من اشباه النساء عبيدا للمادة و سلع تتصيدن الجيوب .... في خضم كل هذا نستنتج انهم نجحوا  نجحوا في صنع مجتمع مغيب بلا وعي و لا قضية و لا حتى هوية و لا اخلاق و لا حتى قلوبا تنبض او ارواحا حية نجحوا في صنع مجتمع مهووس بالحياة راكع راضخ قابل يطبق لاإراديا كل ما يراه يقدم على طبق من " الإعلام " أخطر امرلض العصر الذي قد ترك نشر الوعي و الحياد و التثقيف الى نشر الجهل و الردائة و نشر الفتن و ابقاء وعي الشعوب غائب و بالتالي و بشراكة ناجحة مع أعلى هرم السلطة تكون نتيجة الفقر و الجوع و الجهل و المرض تغيير الاخلاق و العقول و نجاحهم في صنع القطيع الذي لن يجادلك اذا سرقت ماله و اخذت رغيفه و احتقرت انسانيته  فقد أصبحت تمتلك آلة تطبق كل ما تمليه عليه " النخبة " التي يراها في التلفاز ....

و بعد ان تعتم العقول سوف لن تبصر و لن ترى و لن تقبل اي طريقا آخر غير التباعية العمياء و السير وراء الراعي و عدم اتباع اي طريق آخر لا يؤدي هذه النتيجة لتصبح النتيجة شعوبا ترفض الحرية و تخشاها و ترفض كل من يطالب بها .... نغادر كل هذا لنجد حطام ما تبقى من أنفسنا قد تحطم هو الاخر .

محمد صالح بن عوانة

تعليقات

المشاركات الشائعة