"المرأة التونسية" لمحمد صالح بن عوانة

 أهاتف حبيبتي قائلا " كل يوم وأنت إمرأة لهذا العالم الذي يستحقك وتستحقينه .." اقول هذا لان 
هذا الوجود كله يدين إلى يد إمرأة في السر. وهي نفسها وجسدها وروحها تتعرض في العلن وفي الخفاء لإقصى أنواع القمع كمتزوجة غصبا عنها أو كمطلقة يطاردها الرجل حتى بعد إنفصالها ليفصل روحها عن جسدها.
هي إمرأة نشكرها في إعلانتنا التجارية والسياسية والعاطفية ..وفي الوقت نفسه نحجب أخبارها وآلامها علنا ونعلن عبر الأمثال أنها غير جديرة عقلا وروحاً ..
هي إمرأة نبتسم لها في قصائد الغزل بورود لاتحصى ونذبحها بشوك الوردة أو بشوكة المطبخ ونشوهها بكل خرمشات أشواكنا ونحمّرها بالصفعات على الخد واللكمات الزرقاء على البطن ...ولا أحد ينجدها من عنف منزلي ..ونثرثر أن البيت مملكة للمرأة ..
اليوم وطننا يفقد أنوثته وسط المساحيق الساحقة لروح إمرأة وحيدة مع أطفالها تحاول وحدها تجميل الحياة لهم عبر كريمات مغمسة بدموعها وهي تعمل ليل نهار وزوج يتخلى عن واجباته كأب ..وينصرف متخليا عن مسوؤلياته ..كم من إمرأة عاملة مرتين في الوظيفة والبيت وحتى في بيوت الأهل والأقارب، لتحظى برضى أو بربتة على الكتف أو بكلمة تشجيع فتجد في إنتظارها رجلاً عاطلاً عن العمل والعقل ويوبخها على تقصيرها في تحضير العشاء.

يوم لإمرأة تصنع العالم كل يوم ولانكافئها إلا بنصف أجر رجل ..أو نغض الطرف عن عقلها المشع ونحسب المرأة المفكرة أو القوية أنها غولاً أو بعبعاً أو وحشاً فنفتش عن إمرأة ضعيفة الشخصية للزواج وعشيقة أخرى لليل ..ومطيعة على مدار الساعة كأن الشريكة سكرتيرة لتنظيم أوجاع وفوضى الرجل ..من ينظم شوؤن وأوجاع المرأة سوى أن تكون سكرتيرة نفسها مع نفسها ..؟
هذا الوطن الحي ّ يعود الفضل لنجاته للمرأة الطاحنة لروحها والخبّازة بطحين كرياتها البيضاء ولهب كرياتها الحمراء هو دمها في شرايين هذا العالم الذي يجري ويتدفق من قلب إمرأة ..
أعطني رجلاً يحترم عقل إمرأة وخذ مايدهش العالم ..ينقص هذا العالم لحظة تفكير في أن الموت الحقيقي للوطن حين نقتل إمرأة من لحظة ولادتهاعلى أنها حرف ناقص في جملة الحياة ..لذلك تبقى الحياة ناقصة.


محمد صالح بن عوانة 

تعليقات

المشاركات الشائعة